القائمة الرئيسية

الصفحات

أخر الأخبار

رحلت قبل أن تحقق حلمها برؤية نجلها حرا


رام الله - صبا مطر - داخل هذا المنزل عاشت وتوفت والدة الأسير ناهض الأقرع، أمضت سنواتها العشرين الأخيرة وهي تنتظر رؤية نجلها الذي عانى لسنوات بعد بتر قدميه، ولكن الأجل عاجلها، كانت تجلس كل صباح تتأمل صوره وتدمع عينيها لاشتياقها له يقول ابنها عاهد، كافة تفاصيل حياته منذ صغره كأنه شريط من الذكريات يمر أمام عينيه لكثرة ذكرها قبل وفاتها، الصورة الأخيرة لها معه لم تفارقها.

أمنيتها الوحيدة أن يتم نقلها عبر الصليب الأحمر؛ ولكن بسبب الوعكة الصحية التي تعرضت لها حرمت من تحقيق الحلم الذي راودها آخر عامين بكثرة، برؤية نجلها القابع في سجون الاحتلال الإسرائيلي، كانت وصيتها أن تأخذ الكوفية خاصتها إلى مثواها الأخير، ولكن بقي هذا الحلم والأماني بداخلها وانتقل معها.

قبل وفاتها بعدة أعوام، تلقت الحاجة (ام مازن) نبأ بتر قدم نجلها الأسير فقدت وعيها من الصدمة، ولنسيان ما هي عليه كانت تشارك بالفعاليات المتعلقة بالأسرى وخيمات الاعتصام، وتذهب إلى نادي الأسير الفلسطيني، انقلبت حياتها رأسا على عقب، لجأت لتدخين السجائر بكثرة نظراً للحالة الصعبة التي تعيشها، وتبكي عند النظر لصوره وتقول "عميتوني يما من كثر ما بعيط".

كانت الصدمة الأقوى عند دفن قدم ناهض المبتورة، لم تتمالك أعصابها وجهشت بالبكاء الشديد، بقيت على هذا الحال إلى أن فارقت الحياة، أصبح المنزل فارغا ولكن مليئا بالذكريات السيئة والجميلة، ذهبت وبقيت الذكريات في هذا المنزل الصغير.

يتعرض ذوو الأسرى والمعتقلين داخل سجون الاحتلال إلى شتى أصناف الذل والإهانة أثناء رحلتهم لزيارة أبنائهم داخل هذه المعتقلات على أيدي قوات الاحتلال وإدارة سجونه في خطوة منها لحرمانهم من التواصل الإنساني مع أبنائهم، بالإضافة إلى سياسة الإهمال الطبي التي يستخدمها الاحتلال تجاه الأسرى في عيادة سجن الرملة البالغ عددهم 17 اسيراً، يصفونها "مقبرة الاسرى الاحياء".

ينتظر الاحتلال لكل أسيرٍ مريض أن يصل لمرحلة ما قبل الموت بوقتٍ قليل، يستمر في المماطلة في تقديم العلاج اللازم للأسير أياً كانت حالته ودرجة خطورته، حتى يصل إلى الرمق الأخير، وينعدم الأمل في شفائه، ليضاعف الاحتلال معاناة الأسير المريض في تلك اللحظة، ويدع جسده فريسة سهلة للأمراض تفتك به كيفما تشاء.

إنه مشفى بلا مقومات طبية حقيقية، وبلا مستلزمات وأدوية وأجهزة مساعدة وأطباء مختصين، رغم أن جُل من فيه من الأسرى هم من أصحاب الأمراض الخطيرة، كأمراض القلب، والسرطان والشلل والكلى، ويحتاجون إلى عناية فائقة، وبذلك يكون من الصواب جداً أن يطلق الأسرى على هذا المشفى اسم مقبرة الأحياء.


صرحت الناطقة الإعلامية بإسم نادي الأسير الفلسطيني أماني السراحنة قائلة " مستشفى الرملة عبارة عن مسلخ يلي بدخل عليه بصير معه ألف مرض، والأسرى الموجودين حاليا بسجن الرملة بواجهوا أمراض خطرة ومتعددة، الاحتلال قتلهم بطريقة قاسية جدا وبسياسات مركبة وتراكمية على مدار الزمن".

وتابعت " السجن هو عبارة عن مكان للقتل، وبالفترة الأخيرة لاحظنا تزايد عدد حالات الإصابة بالسرطان داخل سجون الاحتلال ويتم تشخيصهم بأنهم مصابين بالورم، وعند مقارنتهم بالسنوات السابقة نلاحظ أنهم أكثر، حيث يوجد 12 حالة مصابة بالسرطان في السجون وهي حالات متفاوتة بسبب ذلك المرض".

استشهد 3 أسرى مصابين بالسرطان خلال اخر عامين وهم: بسام السايح وكمال ابو وعر وسامي ابو دياك، وتستمر سياسة المماطلة التي تنتهجها إدارة سجون الاحتلال في سياسة الإهمال بحق الأسرى، والتي أدت إلى استشهاد عدد من الأسرى المرضى داخل مشافي السجون، كما ان الإهمال الطبي سلاح فتاك وأداة من أدوات القتل البطيء للأسرى جسدياً ونفسياً لأن جميع هذه الأمراض تنتشر وتزداد خطورتها داخل أجسادهم.

وكانت رسالة اهالي الأسرى المرضى بشكل عام يوجهونها للقيادة والفصائل الفلسطينية، بأن يتم وضع قضية الأسرى المرضى على سلم الاولويات وأن تكون للقيادة موقف سريع وفعال عن طريق تدخل المجتمع الدولي للإفراج عن الأسرى المرضى لأن عائلاتهم يريدونهم أحياء وليس شهداء.